إصرارٌ على الحوار
كان الحاج كريم خادماً في صحن حرم الامام الحسين (عليه السلام) في كربلاء المقدّسة ، يقول :
لما كنت في سنّ العشرين خادماً في الحرم الشريف أتذكر ذات ليلة قد أعلن المسؤول : ان ابواب الحرم ستغلق بعد قليل ، فالرجاء من الزّوار مغادرة الحرم الحسيني .
في هذا الاثناء رأيت آية الله البهبهاني و العلامة الشيخ يوسف البحراني المعروف عنهما الاختلاف حول بعض الآراء يتحاوران في موضوع علمي ساخن ، فلما سمعا النداء خرجا الى الصحن و هما مستمران في الحوار .
و بعد دقائق سمعت المسؤول ينادي أيضاً : إن ابواب الصحن الشريف ستغلق ايضاً ، فالرجاء من الزّوار ان يخرجوا .
و انا كنت أراقب العالميْن الجليليْن السيد البهبهاني و الشيخ البحراني إذ مشيا حتى وقفا خلف باب القبلة من الصحن الشريف جهة الخارج و هما مستمران في حوارهما الساخن بكل هدوء و احترام أحدهما الآخر .
ذهبتُ الى البيت حيث كان الوقت منتصف الليل ، نمتُ قليلا ثم رجعتُ قرب الصبح لافتح باب الصحن ، فوجدتُهما لازالا واقفين يتباحثان ، و لقد انبهرت بهما و تعجّبتُ من قدرتهما على هذا البحث و الحوار الطويل .
ثم عند الفجر . . توادعا و افترقا ، فذهب الشيخ يوسف البحراني ليؤمّ صلاة جماعته ، حيث كان ملتزماً بها كل صباح ، و ذهب السيد البهبهاني يفترش عباءته على الارض فصلّى ثم ذهب الى بيته .([1])
أقول و لاأدري لماذا الاختلاف في وجهات النظر لدى بعض المعاصرين ملازمٌ للقطيعة و الكراهية ، أليست هذه من الأمراض النفسية و الاخلاقية التي لاتجدر بهم ان كانوا دعاة للاخلاِ ، و ان لم يكونوا فلايدّعوها ، و لقد كبُر مقتاً عند الله أن يقولوا ما لايفعلوا !
--------------------------------------------------------------------------------
[1]ـ قصص العلماء ، ص 406 .