• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

من هم الشيعة

أسترسل خالي في الحديث مبيناً من هم الشيعة، واضعاً إصبعه على أسس الخلاف بينهم وبين أهل السنة، ومدى أحقيتهم في هذا الخلاف، فقد كنت لا أعرف عنهم إلا أنهم هم الذين يدعون بأن الرسول (ص) بعد وفاته لم يترك الأمر شورى، وإنما قام بتعين الإمام على u خليفة من بعده، وما جرى في التاريخ من خلافة سيدنا أبي بكر وعمر ما هو إلا غصب لحق الإمام علي u الشرعي.
فقد أكد خالي أن الخلاف المذهبي هو خلاف في عمق آليات الفهم الديني ولذا كان أيمان الشيعة بأهل البيت كمرجعية معصومة لقطع الطريق أمام دواعي الخلاف الديني،، فالضرورة العقلية قاضية بأن وحدة المرجعية هي كفيلة بجمع الصفوف وحل التباين، فإذا كان الله حريصاً على هداية الناس وهو كذلك فقد أرسل الأنبياء والرسل وأيدهم بمعجزاته حرصاً على هداية الناس، فلما تجاهل هذه الحقيقة العقلية الحاكمة بضرورة وجود مرجعية معصومة، ألا يكون لنا حجة يوم القيامة إذا سألنا عن سبب تفرقنا إلى مذاهب بأن نقول لم تجعل لنا علماً هادياً نقتدي به ونلجأ إليه كما كان يفعل الصحابة في عهد رسول الله (ص)، فجوهر الخلاف بين السنة والشيعة في هذا النقطة المحورية، حيث يدعي الشيعة أن حكمة الله تقتضي أن ينصب لنا الله إماماً من بعد الرسول (ص)، ألا تجدين في نفسك إن كان هناك مثلاً عشر أشخاص ينوون القيام بعمل ما، فإن كان هناك قائد من بينهم يلجأون إليه ويأتمرون بأمره ألا يكفل ذلك وحدتهم وجمع صفهم، أما إذا كان كل واحد منهم يعمل برأيه فسوف ينقلب جمعهم إلى عشرة طرق كل فريق بما لديه فرح، فنقطة بداية الخلاف بين السنة والشيعة في هذا الأمر تمسك الشيعة بضرورة حكم العقل ولم يعترف السنة بذلك الحكم، ولا تعتقدي أن هذا الحكم العقلي بعيد عن الحكم الشرعي، فالقرآن أيضاً قاضياً بهذا الحكم، ألا يكفيك في هذا الأمر أن الله لم يوكل للبشر اختيار أنبياءهم بل هو الذي ينتجب ويصطفي من عباده ما يشاء، فإن لم يكن للبشر خيرة في تنصيب من يخصه الله بالنبوة والرسالة كذلك ليس لهم الخيرة في تعين من يقوم بأمر دينه ألم يقل تعالى (وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا) فالجاعل هو الله، فهذه هي سنة الله ولن تجدِ لسنته تحويلا، ثم أن أساس الخلاف في هذه الأمة هو فيما بعد الرسول (ص)، فأهل السنة والشيعة متفقون بشكل ما على الإيمان بالله والرسول، والخلاف كل الخلاف في ما بعد الرسول (ص) وقد ذكرت لكِ أن الضرورة العقلية حاكمة في هذا الحال بأن يكون لنا أمام من بعد الرسول وقد حكم القرآن أيضاً بهذه الضرورة في قوله تعالى (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول....) فقد بينت هذه الآية ثلاثة محاور أساسية وهي الله، والرسول، وولي الأمر، فلم تستثنِ هذه الآية موضوع الإمامة مما يعني إن الدين لا يكتمل إلا بهذه المحاور الأساسية، وإذا تدبرتِ في هذه الآية بشكل أعمق تكتشفين حقائق أكثر بعداً، فإذا نظرنا إلى لفظة أطيعوا نجد أنها تكررت في الآية مرتين المرة الأولى توجب الطاعة لله، والثانية توجب الطاعة للنبي، فلما تكررت إذاً؟فإن كانت الطاعة لله وللرسول واحدة كان بالامكان العطف (أطيعوا الله ورسوله) من غير لفظة طاعة جديدة، ويتحقق بذلك المعنى، ولكن هذه دلالة على الفرق بين الطاعتين فطاعة الله عبادة وطاعة الرسول امتثال لأوامره، هذا ما يقودنا إلى الاستفسار عن عدم تكرار لفظة الطاعة مرة ثالثة في أولي الأمر، فلو أستخدم القرآن لفظة ثالثة (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأطيعوا أولي الأمر) لدلل على الفرق بين الطاعتين وحين لم يستخدم ذلك بل عطف طاعة أولي الأمر على طاعة الرسول علمنا إن طاعة أولي الأمر هي عين طاعة الرسول (ص) وهي طاعة على سبيل الجزم والحتم، هذا ما يقودنا إلى حقيقة عميقة وهي عصمة أولي الأمر وإلا كيف يأمرنا الله بالطاعة المطلقة لمن هو يرتكب المعاصي فيكون أمراً من الله بالمعصية التي نهي عنها الله، فيجتمع بذلك الأمر والنهي في موضع واحد وهو محال فتعين بذلك عصمة أولي الأمر، وبذلك يكون رسم الله لنا معياراً نتعرف به على ولاة أمورنا وهو العصمة، وبهذا تسقط خلافة كل أمام أدعى الخلافة وهو غير معصوم، فالخلفاء الراشدون لم يدعوا العصمة لأنفسهم فضلاً على أدعاء الآخرين، فمن هذه النقطة الجوهرية أنطلق الفهم الشيعي يبحث عن ولاة الأمر الذين عصمهم الله من الخطأ، ولم يجد الشيعة بنص القرآن غير أهل البيت عليهم السلام الذين طهرهم الله من الرجس، وقال تعالى في حقهم (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس...) فقد حصر الله في هذه الآية أهل البيت وخصهم بالطهارة من كل رجس ودنس أو بمعنى آخر عصمهم من الخطأ، وبمعرفة المعصومين نكون قد عرفنا من هم أئمتنا وولاة أمورنا في تلك الآية، فتكون الطاعة واجبة على كل مسلم لله تعالى وللرسول (ص) ولأهل البيت عليهم السلام، وبذلك رسم لنا القرآن طريقنا من بعد الرسول (ص) وهو موالاة أهل البيت عليهم السلام ومودتهم كما أمر الله بقوله (قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى)، ومن هنا جاءت الأحاديث متواترة عن رسول الله (ص) توجب أتباع أهل البيت عليهم السلام كقوله (أني تارك فيكم ما أن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا كتاب الله حبل ممدود ما بين السماء والأرض وعترتي أهل بيتي إن العليم الخبير أنبأني أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض) فحصر هذا الحديث مسار الأمة من بعد الرسول وهو في أتباع الكتاب والعترة، فعندما رأى الشيعة هذه النصوص تشيعوا لأهل البيت وتابعوهم فالتشيع يعني أتباع أهل البيت عليهم السلام، ولا تتصوري أن الفكر الشيعي وليد ذهنية ابتكرت فكرة الإمامة في ظروف تاريخية معينة وإنما هو امتداد طبيعي لحركة الرسالة الإسلامية، وقد كان الصحابة الذين يوالون الإمام علي أمثال أبي ذر وسلمان والمقداد يسمونهم بشيعة علي (ع) كما أكد الرسول (ص) هذا المفهوم وجذّر هذا المصطلح في عقلية الأمة الإسلامية بمجموعة أحاديث بشّر بها شيعة علي بالفوز بالجنة وأكدت أنهم هم الفرقة الناجية كقول رسول الله (ص) (من أراد أن يحيى حياتي ويموت مماتي ويدخل جنة عدن التي وعدني ربي فليوالي علي بين أبي طالب من بعدي ويوالي وليه ويقتدي بأهل بيتي فإنهم خلقوا من طينتي ورزقوا فهمي وعلمي ويل للقاطعين فيهم صلتي لا أنالهم الله شفاعتي) وقول الرسول (ص) (يا علي أنت وشيعتك على منابر من نور مبيضة وجوههم حولي) (يا علي أنت وشيعتك هم الفائزون) وغيرها من الأحاديث التي رسمت للأمة طريقها، فهذا هو التشيع باختصار وأنا أدعوكِ إلى التأمل في ما قلته لكِ ويكون والحوار بيننا ممتداً.
توقف الزمن أمامي وأنا أستمع إلى هذا الكلام.. أرتسمت على محياي الدهشة.. وبدا علي السكون.. ولكنه في الواقع هز نفسي بعنف وكأنه أقترب بأنامله حول عنقي ليحبس بكلماته أنفاسي، فهل سحب خالي بهذا الكلام البساط من تحت أقدام كل المذاهب.. لكنه بدأ من النقطة التي وقفت عندها في مفترق الطريق، فلعله هو العابر الذي كنت أنتظره ليسلي وحدتي ويربط على قلبي لكي أقتحم تلك الصفحات التي ختمت بحبر التقديس.
ولكن سرعان ما لملمت أشتات ذهني وحزمت أمر نفسي، قائلة: لا يمكن تجاوز كل ذلك الزخم الفكري في الموروث الإسلامي وما أبدعت فيه عبقريات العقل المسلم بهذه الكلمات، فالأمر موقوف على كثير من البحث والنقاش.
قاطعني قائلاً: أنا لم أطلب منك تحديد موقف بهذا الكلام، كما أنني لا أؤمن بسياسة التلقين وتمرير الأفكار فكل ما ذكرته توضيح عام وما زال البحث والنقاش بيننا.
قلت: الأمر بحاجة إلى تركيز أكثر وأنا لا جد إن المكان مناسب في وسط هذه الضجة وزغاريد الفرحة، فمن المناسب أن ننتظر بعد أن تهدأ الأمور وأجد الفرصة الكافية لاستجماع نفسي لطرح الحوار نقطة بعد نقطة.
قال: لا بأس بهذا الاقتراح، فأنا موجود متى طلبتِ مني الحوار.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

١ ذوالقعدة الحرام

١- ذوالقعدة الحرام ١ـ ولادة كريمة أهل البيت فاطمة بنت موسى بن جعفر(س). ٢ـ غزوة بدر الصغرى. ٣ـ وفاة الاشعث ب...

المزید...

١١ ذوالقعدة الحرام

١١- ذوالقعدة الحرام ولادة ثامن الحجج، الامام السلطان ابوالحسن علي بن موسى الرضا المرتضى(ع) ...

المزید...

١٥ ذوالقعدة الحرام

١٥- ذوالقعدة الحرام نهاية الحكم الاموي وبداية الحكم العباسي ...

المزید...

٢٣ ذوالقعدة الحرام

٢٣- ذوالقعدة الحرام غزوة بني قريظة وتصفية يهود المدينة

المزید...

٢٥ ذوالقعدة الحرام

٢٥- ذوالقعدة الحرام ١) يوم دحو الارض ٢) خروج الرسول (ص) لحجة الوداع ٣) احضار الامام الرضا(ع) من الحجاز إلى ...

المزید...

٣٠ ذوالقعدة الحرام

٣٠- ذوالقعدة الحرام شهادة الامام الجواد(ع)

المزید...
012345
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page