• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

الجزء الثالث - القسم الثاني

2 ـ وجدت مكتوباً بخطّ والدي أبي القاسم الفقيه ( رحمه الله ) ، قال : حدّثنا أبو محمد عبد الله بن عدي بجرجان ، عن أبي يعقوب الصوفي ، عن ابن عبد الرحمان الأنصاري ، عن الأعمش سليمان (1) ، قال :
( بعث إليَّ أبو جعفر أمير المؤمنين وهو نازل بطريايا ، فأتاني رسوله بالليل ، فقال : أجب أمير المؤمنين ، قال : فقلت في نفسي : ما بعث إليَّ أمير المؤمنين في هذه الليلة إلاّ ليسألني عن فضائل علي ، فلعلّي إن أخبرته قتلني ، قال : فكتبت وصيّتي ولبست كفني ثمّ خرجت ، فلمّا دخلت عليه قلت : السلام عليك يا أمير المؤمنين ، فقال : وعليك السلام يا سليمان ، ما هذه الريح ؟
قال : قلت : يا أمير المؤمنين ، أتاني رسولك بالليل (2) ، فقلت : ما بعث إليَّ أمير المؤمنين في هذه الساعة إلاّ ليسألني عن فضائل علي ( عليه السلام ) ، فلعلّي إن أخبرته قتلني ، فكتبت وصيّتي ولبست كفني ، قال ـ وكان أبو جعفر متكئاً فاستوى قاعداً ـ ثمّ قال : لا حول ولا قوّة إلاّ بالله العلي العظيم ، ثمّ قال : يا سليمان ، كم تروي في فضائل علي ( عليه السلام ) ؟ قال : قلت : كثيراً يا أمير المؤمنين ، فقال : والله لأُحدّثك بحديثين لم تسمع بمثلهما قط ، قال : قلت : حدّث يا أمير المؤمنين ، قال :
كنتُ هارباً من بني مروان وأنا في أطمار (3) لي رثة ، وكنت أتقرّب إلى الناس بحبّ علي ( عليه السلام ) فيطعموني ويقرّبوني ، حتى مررت ذات عشية بمسجد قد أُقيمت فيه صلاة المغرب ، فقلت في نفسي : لو دخلت المسجد فصلّيت وسألت أهله عشاءً ، قال : فلمّا صلّيت دخل المسجد غلامان ، فلمّا نظر إليهما إمام المسجد قال : مرحباً بكما وبمن اسمكما على اسمهما ، فقلت لشاب إلى جانبي (4) : مَن الغلامان مَن الشيخ ؟ فقال : ابنا ابنه ، وليس في المدينة أحد يحبّ علياً حبّه ؛ فلذلك سمّى أحدهما الحسن والآخر الحسين ، قال : فقمت إليه فقلت : أيّها الشيخ ، ألا أُحدّثك حديثاً أقرّ به عينك ؟ قال : إن أقررتَ عيني أقررتُ عينك .
قال : فقلت : أخبرني أبي ، عن جدّي ، عن ابن عباس ، قال : بينا نحن قعود عند رسول الله إذ أقبلت فاطمة ( عليها السلام ) وهي تبكي فقال لها : ما يبكيك يا فاطمة ؟ فقالت : يا نبيّ الله غاب عنّي الحسن والحسين البارحة فما أدري أين باتا ، فقال ( صلّى الله عليه وآله ) : لا تبكي يا فاطمة ، إنّ لهما ربّاً يحفظهما ، ثم رفع ( صلّى الله عليه وآله ) يده إلى السماء ثمّ قال : اللهمّ إن كانا أخذا بَرّاً أو بحراً فاحفظهما وسلّمهما .
قال : فأتاه جبرئيل فقال : يا رسول الله ، لا تحزن هذا الحسن والحسين في حضيرة بني النجّار ، وقد وكِّل بهما ملكاً يحفظهما ، قد فرش أحد جناحيه لهما وأظلّهما بالآخر .
قال : فقام النبي ( صلّى الله عليه وآله ) وقام معه أصحابه حتى دخل الحظيرة ، فإذا الحسن والحسين معانق أحدهما صاحبه ، قد فرش ( لهما ) (5) الملك أحد جناحيه وأظلّهما بالآخر ، فأقبل النبيّ حتى عانقهما ثمّ بكى وأخذهما ، ثمّ حمل الحسن على عاتقه الأيمن والحسين على عاتقه الأيسر .
قال : فلمّا خرج من الحضيرة قال أبو بكر : يا رسول الله أعطني أحد الغلامين أحمله عنك . فقال : يا أبا بكر ، نِعمَ الحامل ونِعمَ المحمولان وأبوهما أفضل منهما . ثمّ قال عمر مثل ما قال أبو بكر ، فقال ( له ) (6) النبي ( صلّى الله عليه وآله ) : مثل ما قال (7) لأبي بكر ، ثمّ قال النبيّ :  والله لأُشرّفكما كما شرّفكما الله من فوق عرشه .
قال : فلمّا أتى المسجد قال : يا بلال ، هلمّ عليَّ الناس ، فلما اجتمعوا صعد رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) المنبر ثمّ قال : يا أيّها الناس ، ألا أُخبركم اليوم بخير الناس جدّاً وجدّة ، قالوا : بلى يا رسول الله ، قال : عليكم بالحسن والحسين فإنّ جدّهما رسول الله وجدّتهما خديجة ( الكبرى ) (8) بنت خويلد سيّدة نساء الجنّة .
ثمّ قال : يا أيّها الناس ، ألا أُخبركم اليوم بخير الناس أباً وخيرهم أُماً ؟ قالوا : بلى يا رسول الله ، قال : عليكم بالحسن والحسين فإنّ أباهما شاب يحبّ الله ورسوله ( ويحبّه الله ورسوله ) (9) ، وأُمهما فاطمة بنت رسول الله (10) سيّدة نساء العالمين .
ثمّ قال : يا أيّها الناس ، ألا أُخبركم بخير الناس عمّاً وخيرهم عمّة ؟ قالوا : بلى يا رسول الله ، قال : عليكم بالحسن والحسين فإنّ عمّهما ذو الجناحين الطيّار في الجنّة ، وعمّتهما أُم هاني بنت أبي طالب .
ألا أُخبر بخير الناس خالاً وخالة ، قالوا : بلى يا رسول الله ، قال : عليكم بالحسن والحسين ، فإنّ خالهما القاسم ابن رسول الله ، وخالتهما زينب بنت رسول الله ، ثمّ أقبل النبي ( صلّى الله عليه وآله ) علينا ، ثمّ قال :
اللهمّ إنّك تعلم أنّ الحسن في الجنّة والحسين في الجنّة ، وجدّهما في الجنّة وجدّتهما في الجنّة ، وأباهما في الجنّة وأُمهما في الجنّة ، وعمّهما في الجنّة وعمّتهما في الجنّة ، وخالتهما في الجنّة ، اللهمّ إنّك تعلم أنّ محبّهما في الجنّة ومبغضهما في النار .
قال : فقال الشيخ : مَن أنت يا فتى ؟ قلت : من العراق ، قال : عربي أم مولى ؟ قال : قلت : بل عربي ، قال : فأنت تحدّث ( الناس بحديث ) (11) مثل هذا الحديث وأنت على مثل هذا الحال ، قال : فكساني خلعة وأعطاني بغلة ، قال : فبعتها في ذلك الزمان بثلاثمئة دينار ، ثمّ ( قال لي : قد ) (12) أقررتَ عيني ولي إليك حاجة ، قلت : ما حاجتك ؟ قال : هاهنا أخوان أحدهما إمام والآخر يؤذّن ، فأمّا الإمام فلم يزل محبّاً لعلي ( عليه السلام ) منذ خرج من بطن أُمه ، وأمّا المؤذّن فلم يزل مبغضاً لعلي منذ خرج من بطن أُمه ، فأتِ الإمام حتى تحدثه ، قال : قلت : دلِّني على منزله . فأشار إلى منزله ، فعرفت الباب فقرعته فخرج إليَّ شاب فسلّمت عليه فعرف الكسوة و ( عرف ) (13) البغلة فقال : اعلم أنّ الشيخ لم يكسك خلعته (14) ويعطيك بغلته (15) إلاّ وأنت تحبّ علياً فحدّثني في فضائل علي ( عليه السلام ) .
قال : قلت : أخبرني أبي ، عن جدّي ، عن عبد الله بن عباس ، قال : بينا نحن عند رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) إذ أقبلت فاطمة ( عليها السلام ) وهي تبكي ، فقال : ما يبكيك يا فاطمة . قالت : يا رسول الله ، عيّرتني نساء قريش آنفاً زعمن أنّك زوّجتني رجلاً مُعدماً لا مال له . قال : لا تبكين يا فاطمة ، فوالله ما زوّجتك حتى زوّجك الله من فوق العرش وأشهدَ على ذلك جبرئيل وميكائيل ، ألا وإنّ الله اطّلع من فوق عرشه فاختارني من خلقه وبعثني نبيّاً ، ثمّ اطّلع ثانية (16) فاختار من الناس علياً فجعله وارثاً ووصيّاً ، فعلي أشجع الناس قلباً وأكثرهم علماً وأعدلهم في الرعية وأقسمهم بالسويّة ، والحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنّة ، واسمهما في توراة موسى شابير وشابور لكرامتهما (17) على الله .
يا فاطمة ، لا تبكين ، إذا كُسيتُ غداً كُسيَ علي معي ، وإذا حُبيت غداً حُبيَ علي معي ، يا فاطمة ، لواء الحمد بيدي والناس تحت رايتي يوم القيامة فأناوله علياً لكرامته على الله عزّ وجلّ ، يا فاطمة ، علي عوني على مفاتيح الجنّة ، يا فاطمة ، علي وشيعته هم الفائزون يوم القيامة .
قال : فلمّا حدّثته بهذا الحديث ، قال : يا فتى ، مَن أنت (18) ؟ قلت : من أهل العراق ، قال : عربي أم مولى ؟ قلت : عربي ، قال : فأنت تحدّث بهذا (19) الحديث وأنت على مثل هذا الحال ، فكساني ثلاثين ثوباً وأمر لي بعشرة آلاف درهم ، ثمّ قال : قد أقررتَ عيني ولي إليك حاجة ، قال : ( قلت : ) (20) ما حاجتك ؟ قال : تأتي صلاة الغداة مسجد بني فلان أو مسجد بني مروان حتى يأتيك الأخ المبغض  (21) علياً ، قال : فطالت عليَّ تلك الليلة فلمّا أصبحت غدوت إلى المسجد .
قال : فبينا أنا أُصلّي وإذا بشاب يصلّي (22) إلى جانبي وعليه عمامة إذ سقطت العمامة عن رأسه ، فإذا رأسه رأس خنزير والله ما دريت ما أقول في صلاتي فلمّا انصرف قلت له : ويلك ما الذي أرى بك من سوء الحال ؟ قال : فقال لي : لعلّك صاحب أخي ؟ قال : قلت : نعم ، فأخذ بيدي ثمّ خرج بي من المسجد وهو يبكي بكاءً ( شديداً ) (23) حتى أتى بي داره ، ثمّ قال لي : ترى هذه الدار ؟ قال : قلت : نعم .
قال : فأنا كنت مؤذّناً وألعنُ (24) علياً في كل يوم ألف مرة ـ وفي رواية أُخرى مئة مرة ـ حتى إذا كان يوم من الأيام لعنتُه عشرة آلاف مرة ـ وفي رواية أُخرى ألف مرة ـ فخرجت من المسجد ، ثمّ انصرفت إلى داري هذه ونمت في هذا المكان فرأيت فيما يرى النائم كأنّ النبي ( صلّى الله عليه وآله ) قد أقبل ومعه أصحابه والحسن والحسين عن يمينه ويساره ، فجلس رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) وأصحابه ، والحسن والحسين ( عليهم السلام ) واقفان ، وفي يد الحسن كأس وفي يد الحسين إبريق ( يسقي الناس ) (25) فرفع النبيّ رأسه ، فقال : يا حسن ، اسقِني . فمدّ الحسن يده بالكأس إلى الحسين ، فقال : يا حسين صب . فصبّ من الإبريق في الكأس ، فناول الحسين (26) ( عليه السلام ) النبي ( صلّى الله عليه وآله ) فشرب ، ثمّ قال : اسقِ أصحابي . فسقاهم ، ثمّ قال : اسقِ النائم على الدكّان .
قال : وكان الحسن والحسين يبكيان ، فقال لهما النبيّ : ما يبكيكما ؟ فقالا : يا رسول الله فكيف نسقيه وهو يلعن أبانا في كل يوم ألف مرة وقد لعنه اليوم عشرة آلاف مرة .
قال : فرأيت النبي ( صلّى الله عليه وآله ) قام مغضباً حتى أتاني ، فقال : أتلعن علياً وأنت تعرف أنّه بالمكان الذي هو به منّي ، ثمّ ضربني ، وقال ( صلّى الله عليه وآله ) : قم ، غيّر الله ما بك ( من ) (27) خِلقة . فقمت ورأسي ووجهي هكذا .
ثمّ قال : يا سليمان ، هل سمعت مثل هذين الحديثين قط ؟ ( قال : ) (28) قلت : لا يا أمير المؤمنين ، ثمّ قلت : يا أمير المؤمنين ، الأمان (29) ، قال : لك الأمان ، قلت : فما تقول في قاتل الحسن والحسين ؟ قال : في النار يا سليمان ، قال : قلت : فما تقول في قاتل أولاد الحسين ؟ قال : فسكت مليّاً ، ثمّ قال : يا سليمان ، المُلك عقيم ، إذهب فحدّث في فضائل علي ( عليه السلام ) ما شئت ) (30) .
قال محمد بن أبي القاسم : هذا الخبر قد سمعته ورويته بأسانيد مختلفة وألفاظ تزيد وتنقص ، وقد أوردته هاهنا على هذا الوجه وفي آخره قد أدخل كلام بعض في بعض ، والله أعلم بالصواب .
____________
( 1 ) هو سلمان بن مهران الأعمش ، من أصحاب الصادق ( عليه السلام ) ، راجع رجال الشيخ : 206 ، ومعجم رجال الحديث 8 : 280 .
( 2 ) في ( م ) : في الليل .
( 3 ) الأطمار : جمع الطِّمر ـ بالكسر ـ هو الثوب الخلق العتيق والكساء البالي من غير الصوف .
( 4 ) في ( ط ) : لجانبي .
( 5 ) ليس في ( م ) .
( 6 ) ليس في ( ط ) .
( 7 ) في ( م ) : مقالته .
( 8 ) ليس في ( م ) .
( 9 ) ليس في ( ط ) .
( 10 ) في ( م ) : بنت محمد .
( 11 ) ليس في ( م ) .
( 12 ) ليس في ( ط ) .
( 13 ) ليس في ( م ) .
( 14 ) الخلعة ـ بكسر الخاء ـ : الثوب الذي يُعطى منحة ، كل ثوب تخلعه عنك ، خيار المال .
( 15 ) في ( ط ) : خلعه الكسوة ويعطيك البغلة .
( 16 ) في ( م ) : الثانية .
( 17 ) في ( ط ) : بكرامتهما .
( 18 ) في ( م ) : أين أنت .
( 19 ) في ( م ) : بمثل هذا .
( 20 ) ليس في ( ط ) .
( 21 ) في ( م ) : بني حران تأتيك أخ المبغض .
( 22 ) في ( م ) : بينما أنا أُصلّي إذ نظرت إلى شاب يصلّي .
( 23 ) ليس في ( م ) .
( 24 ) في ( م ) : كنتُ ألعنُ .
( 25 ) ليس في ( م ) .
( 26 ) في ( م ) : الحسن .
( 27 ) ليس في ( ط ) .
( 28 ) ليس في ( ط ) .
( 29 ) في ( م ) : الأمان يا أمير المؤمنين .
( 30 ) أقول : يأتي في ج 4 : الرقم 79 هذا الحديث مفصّلاً .


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

١ ذوالقعدة الحرام

١- ذوالقعدة الحرام ١ـ ولادة كريمة أهل البيت فاطمة بنت موسى بن جعفر(س). ٢ـ غزوة بدر الصغرى. ٣ـ وفاة الاشعث ب...

المزید...

١١ ذوالقعدة الحرام

١١- ذوالقعدة الحرام ولادة ثامن الحجج، الامام السلطان ابوالحسن علي بن موسى الرضا المرتضى(ع) ...

المزید...

١٥ ذوالقعدة الحرام

١٥- ذوالقعدة الحرام نهاية الحكم الاموي وبداية الحكم العباسي ...

المزید...

٢٣ ذوالقعدة الحرام

٢٣- ذوالقعدة الحرام غزوة بني قريظة وتصفية يهود المدينة

المزید...

٢٥ ذوالقعدة الحرام

٢٥- ذوالقعدة الحرام ١) يوم دحو الارض ٢) خروج الرسول (ص) لحجة الوداع ٣) احضار الامام الرضا(ع) من الحجاز إلى ...

المزید...

٣٠ ذوالقعدة الحرام

٣٠- ذوالقعدة الحرام شهادة الامام الجواد(ع)

المزید...
012345
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page