في بعض مثالب عائشة التي روتها الستّة (1)
روى الحميدي في الجمع بين الصحيحين عن عائشة : أنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يمكث عند بنت جحش يأكل عندها عسلا ، فآليت أنا وحفصة إننا متى دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلنقل له (2) : إنا نجد منك ريح مغافير .. أأكلت مغافير ؟! .. (3) فدخل على أحدهما ، فقالت له ذلك ، ثمّ دخل على الأخرى فقالت له ذلك (4) ، فقال : بل (5) شربت عسلا عند زينب بنت جحش ولن أعود له (6) ..
فنزل الله تعالى عليه (7) : ( يا أيها النّبي لم تحرّم ما أحل الله لك تبتغي مرضات أزواجك .. ) (8) الآية (9) .
أنظروا الى عائشة وحفصة .. كيف تعمّدتا الكذب على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لتحرما عليه ما أحلّ الله له .
وفي الجمع بين الصحيحين ـ أيضا ـ عن نافع عن (10) ابن عمر ، قال : قام النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم خطيبا (11) ـ وأشار نحو منزل عائشة ـ ثمّ قال : « ها (12) هنا الفتنة ثلاثا من (13) حيث يطلع قرن الشيطان » (14) .
وفي الجمع بين الصحيحين قال : خرج النبي عليه الصلاة والسلام من بيت عائشة فقال : « رأس الكفر من هاهنا من حيث يطلع قرن الشيطان » (15) .
وخروجها على أمير المؤمنين عليه السلام عاصية لله ورسوله (16) معلوم ، وقد أمرها الله بالإستقرار في بيتها (17) فهتكت حجاب الله (18) ، وحجاب رسوله ، وخرجت متبرّجة في جحفل (19) يزيد على ستة عشر ألفا تطلب بدم (20) عثمان ، وليست [ هي ] من أولياء الدم ، ولا لها حكم الخلافة ، ولقد كانت تحرّض على قتل عثمان في حياته (21) وتقول : اقتلوا نعثلا ! قتل الله نعثلا (22) ، .. فلما قتله المهاجرون والأنصار وبايعوا عليا عليه السلام خرجت طالبة بدمه ، وفرّقت جماعة المسلمين ، وألحقت (23) الفتنة بينهم حتى قتل خلق (24) كثير وجمّ غفير .
وفي الجمع بين الصحيحين أيضا قال : خرج النبي صلى الله عليه وآله وسلم من بيت عائشة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « رأس الكفر من هاهنا من حيث يطلع قرن الشياطين » (25) .
وفي الجمع بين الصحيحين أيضا (26) : أنّ ابن (27) الزبير دخل على عائشة في مرضها الذي ماتت فيه (28) فقالت : إني قاتلت فلانا .. ـ وسمت المقاتل برجل فأثنت (29) عليه ـ وقالت (30) : وددت إني كنت نسيا منسيّا (31) .
فلينظر العاقل الى ما رواه (32) أولياء عائشة عنها من (33) الفعل القبيح في حياة (34) الرسول وبعد وفاته (35) ، وما رووا (36) عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه أخبر عنها أنها : « رأس الكفر » ، وأنها (37) « أصل الفتنة » ، وهتكها حجاب الله وحجاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الذي ضربه عليها ، وخروجها (38) متبرّجة بعد قوله تعالى : ( ولا تبرّجن تبرّج الجاهلية الأولى ) (39) ثمّ يفضلّونها ـ مع ذلك ـ على فاطمة بنت رسول الله (40) التي أذهب الله عنها (41) الرجس وطهّرها (42) تطهيرا .. !! ، وعلى خديجة التي أوّل من صدّقت وآمنت به وأنفقت عليه مالها ! (43) .
وروت (44) عائشة وغيرها : أن الله تعالى (45) أمر رسوله (46) صلى الله عليه وآله وسلم ان يبشّر خديجة ببيت في الجنة (47) من قصب الياقوت (48) و ولدت له فاطمة أمّ الحسن والحسين عليهما السلام وذلك من قلّة الإنصاف والميل والإنحراف ، ولقد أنكر الحافظ من علماء السنة في كتاب الإنصاف (49) غاية الإنكار على من يساوي عائشة بخديجة .
____________
(1) في نسخة (ر) جاءت العبارة هكذا : ومن مثالب التي روتها السنة في عائشة .. وليس فيها كلمة : فصل ، وعليه فيربط الكلام .
(2) في نسخة (ر) : النبي صلى الله عليه وآله وسلم نقول له .
(3) المغافير : الصّمغ من الشّجر . كذا في جمهرة اللغة : 2|779 ، والصواب أنه شيء ينضحه شجر العُرفط حلو كالناطف ، واحده مُغفور ـ بالضم ـ وله ريح كريمة منكرة ، انظر : النهاية 3|373 ، والصحاح 2|771 ـ 772 .
(4) من قوله : ثمّ دخل .. الى هنا لا يوجد في مطبوع الكتاب ونسخة ( ألف ) .
(5) لا توجد : بل ، في نسخة ( ألف ) .
(6) لا توجد كلمة : له .. في مطبوع الكتاب .
(7) كلمة : الله تعالى عليه .. مزيدة من نسخة (ر) .
(8) سورة التحريم (66) : 1 .
(9) صحيح البخاري : 3|205 ( تفسير سورة التحريم ) ، مسند أحمد : 6|221 .. وغيرهما .
(10) لا توجد : عن ، في نسخة ( ألف ) و (ر) .
(11) في نسخة (ر) : خاطبا ..
(12) لا توجد في الطبعة الحجرية ونسخة ( ألف ) : ها ..
(13) كذا في نسخة (ر) وصحيح البخاري ، وفيما سواها : فلا يؤمن ، بدلا من : ثلاثا .
(14) وقد جاء بنصه في صحيح البخاري كتاب فرض الخمس حديث 2873 وكتاب الفتن : 67 ، ولاحظ كتاب بدء الخلق منه حديث 3037 ، ولم يرد فيه اسم عائشة ! بل فيه ( يشير الى المشرق ) ، ولاحظ حديث 3249 من كتاب المناقب ، وصحيح مسلم كتاب الفتن وأشراط الساعة حديث 5168 ، وفيه : أنه قام عند باب حفصة .. ثم قال : عند باب عائشة و 4|2229 حديث 48 . ومثله حديث 5170 ، ومسند أحمد بن حنبل حديث 4450 من مسند المكثرين من الصحابة 6|111 ـ 115 ، وكذا حديث 4521 و 4571 ، وارشاد السّاري 10|188 وغيرها .
(15) من قوله : وفي الجمع .. الى هنا لا يوجد في نسخة (ر) ، وجاء على هامش نسخة ( ألف ) .
(16) في نسخة ( ألف ) : ولرسوله .
(17) سورة الأحزاب (33) : 33 حيث قال الله تعالى : ( وقرن في بيوتكن ولا تبرّجن تبرج الجاهلية الأولى .. ) .
(18) في نسخة ( ألف ) : حجابه .. بدلا من : حجاب الله .
(19) في الطبعة الحجرية : الى عسكر .. بدلا من : في جحفل ، ولا توجد في نسخة ( ألف ) . والجحفل : هو الجيش . قاله في الصحاح 1652 ، وقيل : الجيش الكثير ، كما في القاموس المحيط 3|364 .
(20) في المطبوع : دم .
(21) لا توجد كلمة : في حياته .. في الطبعة الحجرية .
(22) تاريخ الطبري : 4|407 ، الكامل لابن الأثير : 3|206 ، لسان العرب : 11|670 ، تاج العروس : 8|141 ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : 6|215 ، تذكرة الخواص لابن الجوزي : 65 .
(23) جاءت نسخة على الطبعة الحجرية : وألقت ، وفي نسخة ( ألف ) : وألحقت ، وما هنا نسخة يدل على هامشها .
(24) لا توجد في نسخة (ر) : حتى قتل خلق .. وفيه جمع .
(25) من قوله : وفي الجمع .. الى هنا لا يوجد في الطبعة الحجرية ونسخة ( ألف ) .
(26) لا توجد كلمة : أيضا في الطبعة الحجرية .
(27) لا توجد كلمة : ابن .. في نسخة ( ألف ) .
(28) لا توجد جملة : الذي ماتت فيه .. في مطبوع الكتاب .
(29) استظهر على هامش نسخة ( ألف ) : فأندمت .
(30) من قوله : فلانا .. الى : وقالت .. لا يوجد في نسخة (ر) ، وفيها : عليا ، ولقد ..
(31) وجاء في صحيح البخاري كتاب تفسير القرآن حديث 483 ، وحلية الأولياء : 2|49 ، شرح نهج البلاغة لابن ابي الحديد : 14|24 ، وفيه عن قيس قال : قالت عائشة : إدفنوني مع أزواج النبيّ فإني كنت أحدثت بعده حدثا ، مصنف ابن ابي شيبة : 15|260 ، الطبقات الكبرى لابن سعد : 8|74 ـ 76 ، اذا قرءت هذه الآية : ( وقرن في بيوتكنّ ) [ سورة الأحزاب (33) : 33 ] بكت حتى تبلّ خمارها ، الطبقات الكبرى لابن سعد : 8|81 ، البداية والنهاية : 9|94 .
(32) في الطبعة الحجرية : رووا ، وفي نسخة ( ألف ) : روى .
(33) كذا في نسخة (ر) ، وفي غيرها : في .
(34) في مطبوع الكتاب : حقّ ، بدلا من : حياة .
(35) لا توجد : وبعد وفاته .. في الطبعة الحجرية ، ونسخة ( ألف ) .
(36) في نسخة (ر) : ورد ..
(37) لا توجد : أنها في نسخة (ر) .
(38) في نسخة (ر) : وخرجت .
(39) سورة الأحزاب (33) : 33 .
(40) في نسخة (ر) : الزهراء ، بدلا من : بنت رسول الله .
(41) في نسخة ( ألف ) عنها .. بدلا من : عنهم .
(42) في الطبعة الحجرية : وطهرهم .
(43) السيرة النبوية لابن هشام : 1|257 ، المناقب لابن المغازلي : 335 ، اسد الغابة : 5|537 .
(44) في الطبعة الحجرية ونسخة ( ألف ) : روت ـ بدون واو ـ وعليه يكون الكلام مربوطا بما سبقه ، ويوضع رأس السطر من قوله : إن الله تعالى .. الى آخره .
(45) لا توجد كلمة : تعالى في الطبعة الحجرية ، ونسخة ( ألف ) .
(46) في نسخة (ر) : رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .
(47) لا توجد جملة : في الجنة .. في الطبعة الحجرية ، وكذا نسخة ( ألف ) ، وفيها : بقصر ، بدلا من : ببيت .
(48) لا توجد كلمة : الياقوت في نسخة (ر) .
أقول : جاءت الرواية في صحيح مسلم : 4|1887 حديث 2432 ، وصحيح البخاري : 5|48 ، كتاب الفضائل ، والسيرة النبوية لابن هشام : 1|257 ، وكفاية الطالب : 357 ، وينابيع المودة : 1|167 ، وتذكرة الخواص : 272 ، والمناقب لابن المغازلي : 336 ، والجامع الصحيح للترمذي : 5|702 حديث 3875 .. وغيرها .
(49) كتاب الإنصاف ، لعله هو كتاب الإنصاف فيما بين العلماء من الإختلاف ، للحافظ أبي عمر يوسف بن عبد الله بن عبدالله النميري القرطبي المتوفى سنة ثلاث وستين وأربعمائة ، وبهذا الإسم كتب لجمع منهم ابن الاثير الجزري وابن الجوزي ، والسيوطي ، وأبي سعد محمد بن يحيى النيسابوري الشافعي .. وغيرهما ، والأظهر ما ذكرناه .