للأبناء حقوق على الوالدين ، وقد لخصّها الإمام علي بن الحسين ( عليهما السلام ) بالقول : ( وأمّا حق وَلدك ، فإنّك تعلم أنّه منك ، ومضاف إليك ، في عاجل الدنيا بخيره وشرّه ، وأنّك مسؤول عمّا ولّيته به من حُسن الأدب ، والدلالة على ربّه عزَّ وجلَّ ، والمعونة له على طاعته ، فاعمل في أمره عمل مَن يعلم أنّه مثاب على الإحسان إليه ، معاقب على الإساءة إليه ) (1) .
ومن حقّ الأبناء على الآباء الإحسان إليهم ، وتعليمهم ، وتأديبهم ، قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( رحم الله عبداً أعان وَلده على برّه بالإحسان إليه ، والتآلف له ، وتعليمه ، وتأديبه ) (2) .
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( رحم الله مَن أعان وَلده على برّه ... يقبل ميسوره ويتجاوز عن معسوره ، ولا يرهقه ولا يخرق به ) (3) .
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( أكرموا أولادكم ، وأحسنوا آدابهم ) (4) .
وتترتب على الوالدينِ جملة من الحقوق ، ينبغي مراعاتها من أجل ؛ إعداد الأبناء إعداداً فكرياً ، وعاطفياً ، وسلوكياً ، منسجماً مع المنهج الإلهي في الحياة ، ولا يتحقّق ذلك إلاّ بإشباع حاجات الأبناء الأساسية ، كالحاجة إلى الإيمان بالغيب ، والحاجة إلى الأمان ، وتوكيد الذات والمكانة بالمحبة والتقدير ، والحاجة إلى التربية الصالحة .
ويمكن تحديد أهم حقوق الأبناء بما يلي :
1 ـ ينبغي على كلِّ من الوالدين اختيار شريك الحياة على أساس الإيمان ، والتديّن ، والصلاح ، والسلامة من العيوب العقلية كالجنون والحمق ؛ لأنّ ذلك يؤثّر على تنشئة الجيل وسلامته .
وينبغي الاهتمام بالصحة الجسدية والنفسية للأُمّ أثناء الحمل ؛ لكي يخرج الأبناء إلى الدنيا وهم يتمتّعون بالصحة الجسدية والنفسية ؛ لانعكاسها عليهم أثناء الحمل .
2 ـ يستحب تسمية الأبناء بأحسن الأسماء ، ورعاية الأُمّ رعايةً صالحة ، وتوفير حاجاتها اللازمة ؛ للتفرّغ إلى رعاية الأبناء في مهدهم ، ويجب على الوالد إشباع حاجات الوليد من الرضاعة ، وذلك بالاعتماد على حليب الأُمّ ، أو اختيار المرضعة الصالحة ، وإشباع حاجاته المادية والمعنوية في فترة الحضانة .
3 ـ يجب على الوالدينِ تعليم الطفل معرفة الله تعالى ، وتعميق الإيمان في قلبه وجوارحه ، وتعليمه سائر أصول الدين ؛ ليترعرع على الإيمان بالله ، وبرسوله ، وبالأئمة ( عليهم السلام ) ، وبيوم القيامة ، ليكون الإيمان عوناً له في تهذيب نفسه في الحاضر والمستقبل .
قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( أدّبوا أولادكم على ثلاث خصال : حبّ نبيكم ، وحبّ أهل بيته ، وقراءة القرآن ) (5) .
ويجب تربية الأطفال على طاعة الوالدين .
4 ـ ويجب الإحسان إلى الأبناء في هذه المرحلة وتكريمهم ؛ من أجل تعميق أواصر الحبّ بينهم وبين الوالدينِ ، وذلك ضروري في كمالهم اللغوي ، والعقلي ، والعاطفي ، والاجتماعي ، فالطفل يقلّد مَن يحبّه ، ويتقبّل التعليمات والنصائح والأوامر ممّن يحبّه .
والمنهج الإسلامي في التعامل مع الأبناء ، يؤكّد على التوازن بين اللين والشدة في التربية ، ويؤكّد على العدالة بين الأطفال في الحبّ والتقدير وفي العطاء ، وإشباع الحاجات ؛ لكي يترعرعوا متحابين متآزرين ، لا عداء بينهم ، ولا شَحناء ، ولا تقاطع ، ولا تدابر .
ويجب على الوالدين وقاية الأبناء من الانحراف الجنسي ، والانحراف السلوكي ، وتنمية عواطفهم اتجاه الأعمال الصالحة ، وتوجيهها توجيهاً سليماً ، يقوم على أساس المنهج الإسلامي في التربية والسلوك .
ويجب الاهتمام بالطفل اليتيم ، ورعايته رعايةً حسنة ؛ لكي يكون رجلاً صالحاً في المستقبل .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) بحار الأنوار 74 : 6 .
(2) مستدرك الوسائل 2 : 626 .
(3) الكافي 6 : 50 .
(4) مستدرك الوسائل 2 : 625 .
(5) كنز العمال 16 : 456 .
حقوق الأبناء
- الزيارات: 2925