• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

حديث الثقلين عند « أهل السنة »

كما قدمنا فإن نفس الحديث الذي ذكرناه في الفصل السابق ، هو الذي أخرجه علماء « أهل السنة والجماعة » واعترفوا بصحته في أكثر من عشرين مصدراً من مصادرهم المشهورة .
وإذا اعترفوا بصحة الحديث فقد شهدوا على أنفسهم بالضلالة ضمنياً ، لأنهم لم يتمسكوا بالعترة الطاهرة واعتنقوا مذاهب واهية ما أنزل الله بها من سلطان ولا وجود لها في السنة النبوية .
والعجيب من علماء « أهل السنة » اليوم وبعد انقراض بني أمية وهلاكهم ، وفي عصر كثر فيه الاتصال المباشر وتوفرت فيه وسائل البحوث العلمية ، فكيف لا يتوبرون ويرجعون إلى الله من قريب كي يشملهم قوله سبحانه وتعالى : «وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحاً ثم اهتدى» ( طه : 82 ) .
وإذا كان الناس في القرون الخالية زمن الخلافة مكرهين على اتباع السلطان بالقهر والقوة ، فما هو عذرهم اليوم ، والسلطان في كل البلاد لا يهمه من أمر الدين شيئاً ما دام عرشه مضموناً وهو يتبجح بالديمقراطية وبحقوق الإنسان التي من ضمنها حرية الفكر والعقيدة ؟
بقي هناك من علماء « أهل السنة » المعترضون على حديث الثقلين المذكور ، بحديث « تركت فيكم كتاب الله وسنتي » (1)  .
وأقل ما يقال في هؤلاء : إنهم بعيدون عن مقاييس العلم وأصول البحث والمعرفة ، وإثبات الحجة والدليل .
كتاب الله وعترتي ، أو كتاب الله وسنتي ؟
قد وافينا البحث في هذا الموضوع في كتاب « مع الصادقين » وقلنا باختصار بأن الحديثين لا يتناقضان لأن السنة النبوية الصحيحة محفوظة عند العترة الطاهرة من أهل البيت ( عليهم السلام ) ، وأهل البيت أدرى بما فيه وعلي بن أبي طالب هو باب السنة النبوية وهو أولى أن يكون راوية الإسلام من أبي هريرة ومن كعب الأحبار ووهب بن منبه.
ومع ذلك لابد من مزيد البيان والتوضيح ، ولو أدى ذلك إلى التكرار فإن في الإعادة إفادة ، ولعل بعضهم لم يقرأوه هناك فإنهم سيطلعون عليه هنا بمزيد من التفصيل والإيضاح .
ولعل القراء الكراميجدون في هذا البحث ما يقنعهم بأن حديث «كتاب الله وعترتي » هو الأصل ، وإنما عمد الخلفاء على إبداله بحديث «كتاب الله وسنتي » ليبعدوا بذلك أهل البيت عن مسرح الحياة .
ولابد من الملاحظة بأن حديث « كتاب الله وسنتي » لا يصح حتى عند «أهل السنة والجماعة » لأنهم رووا في صحاحهم بأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهاهم عن كتابتها ، إذا كان حديث النهي صحيحاً ، فكيف يجوز للنبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يقول : تركت فيكم سنتي وهي غير مكتوبة ولا معلومة ؟ ؟ !
ثم لو كان حديث « كتاب الله وسنتي » صحيحاً ، فكيف جاز لعمر بن الخطاب أن يرد على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ويقول : حسبنا كتاب الله ؟ !

وإذا كان الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ترك سنة مكتوبة ، فكيف جاز لأبي بكر وعمر حرقها ومنعها من الناس ؟ !
وإذا كان حديث « كتاب الله وسنتي » صحيحاً ، فلماذا يخطب أبو بكر بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ويقول : لا تحدثوا عن رسول الله شيئاً ، فمن سألكم فقولوا : بيننا وبينكم كتاب الله فاستحلوا حلاله وحرموا حرامه (2) ؟ !
وإذا كان حديث « كتاب الله وسنتي » صحيحاً ، فلماذا خالفها أبو بكر في قتال مانعي الزكاة وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : من قال لا إله إلا لله عصم مني دمه وماله وحسابه على الله ؟ !
وإذا كان حديث « كتاب الله سنتي » صحيحاً ، فكيف جاز لأبي بكر وعمر ومن وافقهما من الصحابة أن يستبيحوا حرمة الزهراء ويهجموا على بيتها مهددين بحرقها بمن فيها ، ألم يسمعوا قول النبي فيها : «فاطمة بضعة مني من أغضبها فقد أغضبني ومن أذاها فقد أذاني ؟ » بلى والله لقد سمعوها ووعوها ، ألم يسمعوا قول الله تعالى : «قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى » ( الشورى : 23 ) التي نزلت فيها وفي بعلها وولديها ؟ فهل كانت مودة أهل البيت هي ترويعهم وتهديدهم بالحرق ، وضغط الباب على بطن فاطمة حتى أسقطت جنينها بأبي هي وأمي ؟ ؟ !
وإذا كان حديث « كتاب الله وسنتي » صحيحاً ، فكيف استحل معاوية والصحابة الذين بايعوه وساروا في ركابه أن يلعنوا علياً ويسبوه على المنابر طيلة حكم بني أمية ، ألم يسمعوا أمر الله لهم بأن يصلوا عليه كما يصلون على النبي ؟ ألم يسمعوا قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم : « من سب عليا فقد سبني ، ومن سبني فقد سب الله » (3) ؟ !
وإذا كان حديث « كتاب الله وسنتي » صحيحاً ، فلماذا غابت هذه السنة على أكثر الصحابة فجهلوها وأفتوا في الأحكام بآرائهم ، وكذلك فعل أئمة المذاهب الأربعة الذين التجأوا للقياس والاجتهاد ، والإجماع وسد باب الذرائع ، والمصالح المرسلة والاستصحاب وصوافي الأمراء وأخف الضررين وغير ذلك (4)  ؟ !
فإذا كان الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قد ترك « كتاب الله وسنة نبيه » ليعصمان الناس من الضلالة ، فلا داعي لكل هذه الأمور التي ابتدعها « أهل السنة والجماعة » فكل بدعة وضلالة وكل ضلالة في النار كما جاء في الحديث الشريف ..!
ثم إن العقلاء وأهل المعرفة ، يلقون باللوم على النبي صلى الله عليه وآله وسلم الذي أهمل سنته ولم يعتن بها ولم يأمر بتدوينها وحفظها ومن ثم صيانتها من التحريف والاختلاف والوضع والاختلاق ، ثم يقول للناس : « إني تارك فيكم الثقلين ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي ، كتاب الله وسنتي » !
أما إذا قيل لهؤلاء العقلاء بأنه نهاهم عن كتابتها فسيكون عند ذلك هزؤاً ، لأن ذلك ليس من أفعال الحكماء ، إذ كيف ينهى المسلمين عن كتابة سنته ، ثم يقول لهم : تركت فيكم سنتي ؟ ؟ !
أضف إلى كل ما تقدم بأن كتاب الله المجيد ، إذا أضفنا إليه السنة النبوية التي كتبها المسلمون عبر القرون ، فإن فيها الناسخ والمنسوخ وفيها الخاص والعام وفيها المحكم والمتشابه ، فهي شقيقة القرآن ، غير أن القرآن كله صحيح لأن الله سبحانه تكفل بحفظه ولأنه مكتبوب ، أما السنة ففيها المكذوب أكثر من الصحيح ، فالسنة النبوية هي قبل كل شيء محتاجة إلى المعصوم الذي يدل على صحيحها ويطرح كل ما وضع فيها ، وغير المعصوم لا يقدر على شيء من ذلك ولو كان عالماً علامة .
كما أن « القرآن والسنة » معاً يفترقان إلى عالم متبحر عارف بكل أحكامهما مطلع على أسرارهما ، لكي يبين للناس من بعد النبي ما اختلفوا فيه وما جهلوه .
ألم تر أن الله سبحانه أشار إلى أن القرآن الكريم يفتقر إلى مبين ، فقال جل وعلا :  «وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم»  ( النحل : 44 ) ؟ فلو لم يكن النبي يبين للناس ما نزل إليهم ، لم يكونوا ليعرفوا أحكام الله ولو نزل القرآن بلغتهم !
وهذا أمر بديهي يعرفه كل الناس ، ورغم نزول القرآن بفرائض الصلاة ، والزكاة ، والصوم ، والحج ، فالمسلمون في حاجة لبيان النبي صلى الله عليه وآله وسلم فهو الذي أوضح كيفية أداء الصلاة ، ومقدار نصاب الزكاة ، وأحكام الصوم ، ومناسك الحج ، ولولاه لما عرف الناس من ذلك شيئاً .
وإذا كان القرآن الذي لا اختلاف فيه ، والذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه بحاجة إلى مبين ، فإن السنة النبوية أحوج من القرآن إلى من يبينها ، وذلك لكثرة الاختلاف الذي حصل فيها ولكثرة الدس والكذب الذي طرأ عليها ، وإنه من الطبيعي جداً ، بل من الضروريات العقلية أن يعتني كل رسول بالرسالة التي بعث بها ، فيقيم عليها وصياً وقيماً بوحي من ربه حتى لا تضيع الرسالة بموته ، ولأجل ذلك كان لكل نبي وصي .
ولكل ذلك أعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خليفته ووصيه على أمته علي بن ابي طالب ورباه منذ صغره بأخلاق النبوة ، وعلمه في كبره علم الأولين والآخرين ، وخصه بأسرار لا يعرفها غيره ، ودل الأمة عليه مراراً وأرشدهم إيه تكراراً ، فقال لهم إن هذا أخي ووصيي وخليفتي عليكم ، وقال : أنا خير الأنبياء وعلي خير الأوصياء وخير من أترك بعدي ، وقال : علي مع الحق والحق معه ، وعلي مع القرآن والقرآن معه ، وقال : أنا قاتلت على تنزيل القرآن وعلي يقاتل على تأويله ، وهو الذي يبين لأمتي ما اختلفوا فيه من بعدي ، وقال : لا يؤدي عني إلا علي وهو ولي كل مؤمن بعدي وقال : علي مني بمنزلة هارون من موسى ، علي مني وأنا منه وهو باب علمي (5) .
وقد ثبت بالدليل العلمي وبالتاريخ وما كتبه أصحاب السير بأن علياً كان المرجع الوحيد للكل الصحابة عالمهم وجاهلهم ، ويكفي أن يعترف «أهل السنة » بأن عبد الله بن عباس والذي لقبوه بحبر الأمة تلميذه وخريجه كما يكفي دليلاً أن كل العلوم التي عرفها المسلمون تنسب إليه (عليه السلام ) (6)  .
وعلى سبيل الافتراض لو تعارض حديث « كتاب الله وسنتي » مع حديث «كتاب الله وعترتي » لوجب تقديم الثاني على الأول أعني تقديم «عترتي » على «سنتي » ، ليتسنى للمسلم العاقل الرجوع إلى أئمة أهل البيت الطاهرين كي يبينوا له مفاهيم القرآن والسنة .
أما لو أخذ بحديث « كتاب الله وسنتي » فسوف يبقى محتاراً في كل من القرآن والسنة ولا يجد المرجع الموثوق الذي يبين له الأحكام التي لم يفهمها ، أو الأحكام التي اختلف فيها العلماء اختلافاً كبيراً وقال فيها أئمة المذاهب أقوالاً متعددة أو متناقضة .
ولا شك بأنه لو أخذ بقول هذا العالم أو ذاك ، أو اتبع رأي هذا المذهب أو ذاك ، فإنما يتبعه ويأخذ منه بدون دليل على صحة هذا ويطلان ذاك ، وإن قبول هذا المذهب ورفض ذاك هو تعصب أعمى وتقليد بدون حجة ، قال الله تعالى في هذا المعنى : «وما يتبع أكثرهم إلا ظناً إن الظن لا يغني من الحق شيئاً» ( يونس : 36 ) . وأضرب لذلك مثالاً واحداً حتى يعرف القاريء الكريم صدق الحديث ويتبين له الحق من الباطل .
لو أخذنا القرآن الكريم وقرأنا فيه آية الوضوء وقول الله تعالى : «وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين» ( المائدة : 6 ) ، فهمنا منها لأول وهلة مسح الأرجل كمسح الرؤوس ، وإذا نظرنا إلى فعل المسلمين نجدهم مختلفين في ذلك .« فأهل السنة والجماعة » كلهم يغسلون ، والشيعة كلهم يمسحون .
فنصاب عند ذلك بالحيرة والشك ، أيهما الصحيح ؟
ونرجع إلى العلماء من « أهل السنة والجماعة » ومفسريهم ، فنجدهم مختلفين في هذا الحكم على حسب ما يروونه من أن هناك قراءتين « أرجلكم بالنصب » و « أرجلكم بالجر » .
ثم يصححون القراءتين ويقولون : من قرأ بالنصب فقد أوجب الغسل ومن قرأ بالجر فقد أوجب المسح .
ثم يطلع علينا عالم ثالث متبحر في اللغة العربية من علماء السنة (7) فيقول : إن قراءة النصب وقراءة الجر توجبان المسح ، لأن الأرجل إما تكون منصوبة على المحل أو تكون مجرورة بالجوار ، ثم يقول بأن القرآن جاء بالمسح وجاءت السنة بالغسل .
وأنت كما ترى أيها القارئ بأن علماء « السنة والجماعة » لم يزيلوا حيرتنا باضطراب أقوالهم ، بل قد ضاعفوا شكنا لقولهم بأن السنة خالفت القرآن ، وحاشا للنبي أن يخالف القرآن ويغسل رجليه في الوضوء ، ولو غسل النبي رجليه في الوضوء لما جاز لكبار الصحابة مخالفته وهم من هم في العلم والمعرفة والقرب منه أمثال علي بن أبي طالب وابن عباس والحسن والحسين وحذيفة بن اليمان وأنس بن مالك وكل الصحابة الذين قرأوا بالجر وهم أغلب القراء الذين أوجبوا المسح وكل الشيعة الذين اقتدوا بالأئمة من العترة الطاهرة قالوا بوجوب المسح .
فما هو الحل ؟ !
ألم تر أيها القارئ العزيز بأن المسلم سيبقى محتاراً في شكه وبدون الرجوع إلى من يعتمد عليه فسوف لا يعرف وجه الصواب ولا يدري ما هو حكم الله الصحيح من المكذوب عليه ؟
وقد تعمدت أن أضرب لك هذا المثال من القرآن الكريم أيها القارئ العزيز حتى تعرف مدى الاختلاف والتناقض الذي يتخبط فيه علماء المسلمين من « أهل السنة والجماعة » في أمر كان يفعله النبي عدة مرات في كل يوم وطيلة ثلاثة وعرين عاماً .
وكان من المفروض أن يعرفه الخاص والعام من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم وإذا بالعلماء عند « أهل السنة » يختلفون في القراءات فينصبون ، ويجرون ويرتبون على ذلك أحكاماً متضاربة !
وللعلماء في تفسير كتاب الله وترتيب الأحكام على حسب القراءات المتعددة اختلافات كثيرة لا تخفى على الباحثين .
وإذا كان اختلافهم في كتاب الله ظاهراً فهو في السنة النبوية أظهر وأكثر.
فما هو الحل إذن ؟
إذا قلت بوجوب الرجوع إلى من يعتمد عليه في شرح وبيان الأحكام الصحيحة من القرآن والسنة ، فسوف نطالبك بالشخص العاقل المتكلم ، لأن القرآن والسنة لا يعصمان من الضلالة ، فهما صامتان لا يتكلمان ويحملان عدة وجوه كما قدمنا في آية الوضوء ، ولقد اتفقنا عزيزي القارئ على وجوب تقليد العلماء العارفين بحقائق القرآن والسنة ، وبقي الخلاف بيننا فقط في معرفة هؤلاء العلماء العارفين بحقائق القرآن والسنة .
فإذا قلبت بأنهم علماء الأمة وعلى رأسهم الصحابة الكرام ، فقد عرفنا اختلافهم في آية الوضوء وفي غيرها من المسائل ، كما عرفنا بأنهم تقاتلوا وكفر بعضهم بعضاً ، فلا يمكن الاعتماد عليهم جميعاً ، وإنما يعتمد على المحقين منهم دون المبطلين ويبقى المشكل قائماً .
وإذا قلت بالرجوع إلى ائمة المذاهب الأربعة ، فقد عرفت بأنهم اختلفوا أيضاً في أكثر المسائل حتى قال بعضهم بكراهة البسملة في الصلاة وقال بعضهم ببطلان الصلاة بدونها ، وقد عرفت أحوال هذه المذاهب وأنها من صنائع الحكام الظالمين ، وعرفت أيضاً بأنهم بعيدون عن عهد الرسالة ولم يعرفوا الصحابة فضلاً عن النبي نفسه .
فلم يبق أمامنا إلا حل واحد لا ثاني له ، ألا وهو الرجوع الى أئمة العترة من
أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً ، العالمين ، العاملين الذين لم يلحقهم أحد في علمهم وورعهم وحفظهم وتقواهم فهم المعصومون عن الكذب والخطأ بنص القرآن الكريم (8) وعلى لسان النبي العظيم (9) .
فقد أورثهم الله علم الكتاب بعد أن اصطفاهم ، وعلمهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كل ما يحتاجه الناس ، ودل الأمة عليهم بقوله : « مثل أهل بيتي فيكم كسفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق » وقد قال ابن حجر وهو من علماء « أهل السنة والجماعة » في شرح هذا الحديث بعد أن صححه :
« ووجه تشبيههم بالسفينة أن من أحبهم وعظمهم شكراً لنعمة مشرفهم، واخذ بهدي علمائهم نجا من ظلمة المخالفات ومن تخلف عن ذلك غرق في بحر كفر النعم وهلك في مفاوز الطغيان » (10) .
أضف إلى ذلك أنك لا تجد عالماً في الأمة الإسلامية قديماً وحديثاً من عهد الصحابة إلى اليوم ، من ادعى لنفسه أنه أعلم أو أفضل من أئمة العترة النبوية الطاهرة ، كما أنك لا تجد في الأمة قاطبة أحداً ادعى بأنه علم واحداً من أئمة أهل البيت أو أرشدهم لأمر ما .
وإذا أردت أيها القارئ مزيداً من البيان والتفصيل فعليك بقراءة «المراجعات » و « الغدير » .
وما قدمته أنا إليك فيه الكفاية إن كنت من المنصفين فحديث «تركت فيكم كتاب الله وعترتي » هو الحق الذي يسلم به العقل والوجدان وتثبته السنة والقرآن .
وبكل هذا يتبين لنا مرة أخرى بالأدلة الواضحة التي لا تدفع بأن الشيعة الإمامية هم أهل السنة النبوية الحقيقة ، وأن « أهل السنة والجماعة » قد أطاعوا ساداتهم وكبراءهم فأضلوهم السبيل وتركوهم في ظلمات يعمهون ، وأغرقوهم في بحر كفر النعم وأهلكوهم في مفارز الطغيان على حد تعبير ابن حجر الشافعي .
« والحمد لله رب العالمين على هدايته لعباده المخلصين » .

_____________
(1) قلنا في ما سبق من الأبحاث بأن حديث « كتاب الله وسنتي » هو حديث مرسل غير مسند ولم يخرجه الصحاح ، بينما حديث « كتاب الله وعترتي » هو حديث صحيح ومتواتر أخرجه كل الصحاح عند السنة والشيعة .
(2) تذكرة الحفاظ للذهبي ج 1 ص 3 .
(3) سمتدرك الحاكم ج 3 ص 121 قال : حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه . تاريخ الخلفاء للسيوطي ص 73 خصائص النسائي ص 24 . المناقب للخوارزمي ص 82 .
(4) جامع بيان العلم ج 2 ص 174 .
(5) كل هذه الأحاديث صحيحة عند « أهل السنة والجماعة » أخرجها علماؤهم وصححوها وقد ذكرناها في الكتب السابقة ومن أراد المصادر فعليه بكتاب المراجعات بتحقيق حسين الراضي .
(6) راجع في ذلك مقدمة ابن أبي الحديد المعتزلي في شرحه للنهج .
(7) هو الإمام الفخر الرازي في تفسيره الكبير ج 11 ص 161 .
(8) قوله تعالى :  «إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً»  .
(9) قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم : كتاب الله وعترتي إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبداً ، فكما أن كتاب الله معصوم عن الخطأ فكذلك العترة الطاهرة ، فغير المعصوم لا يضمن الهداية والذي يجوز عليه الخطأ هو في حاجة إلى الهداية .
(10) الصواعق المحرقة لابن حجر الشافعي ص 151 .


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

١ ذوالقعدة الحرام

١- ذوالقعدة الحرام ١ـ ولادة كريمة أهل البيت فاطمة بنت موسى بن جعفر(س). ٢ـ غزوة بدر الصغرى. ٣ـ وفاة الاشعث ب...

المزید...

١١ ذوالقعدة الحرام

١١- ذوالقعدة الحرام ولادة ثامن الحجج، الامام السلطان ابوالحسن علي بن موسى الرضا المرتضى(ع) ...

المزید...

١٥ ذوالقعدة الحرام

١٥- ذوالقعدة الحرام نهاية الحكم الاموي وبداية الحكم العباسي ...

المزید...

٢٣ ذوالقعدة الحرام

٢٣- ذوالقعدة الحرام غزوة بني قريظة وتصفية يهود المدينة

المزید...

٢٥ ذوالقعدة الحرام

٢٥- ذوالقعدة الحرام ١) يوم دحو الارض ٢) خروج الرسول (ص) لحجة الوداع ٣) احضار الامام الرضا(ع) من الحجاز إلى ...

المزید...

٣٠ ذوالقعدة الحرام

٣٠- ذوالقعدة الحرام شهادة الامام الجواد(ع)

المزید...
012345
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page