الإمام (عليه السلام) في خلافة عثمان بن عفّان
لما انتهت مسرحيّة الشورى ووقع الاختيار على عثمان مضى الامام علي (عليه السلام) ولم يعارض كعادته مع الخليفة الراحل ولكنّه قال: «نحن أهل بيت النبوّة ومعدن الحكمة أمان لأهل الأرض ونجاة لمن طلب ، إنّ لنا حقّاً إن نعطه أخذناه وإن نمنعه نركب أعجاز الإبل.
والتفت إلى ابن عوف وقال: ليس هذا بأوّل يوم تظاهرتم فيه علينا فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون ، والله ما ولّيته الأمر إلاّ ليردّه عليك». ثم قال: «دقّ الله بينكما عطر منشم».
ثم بايع (عليه السلام) عثمان كما بايعه الناس، ومضى في ما اختاره لنفسه يعمل في سبيل الصالح العام، ولا يبخل عليهم بآرائه ولا بكل امكانياته إذا أرادوها في سبيل الاسلام وانتشاره. فكان يفتيهم إذا استفتوه ، كما ويعترض على بعض الأحكام الخاطئة أو الجائرة وإليك هذا المثال:
اُتي إلى عثمان بن عفّان بإمرأة قد ولدت لستّة اشهر، فهمّ برجمها، فقال عليّ (عليه السلام): «إن خاصمتك بكتاب الله خصمتك، إن الله تعالى يقول: ﴿وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا﴾ الأحقاف: 15، ثمّ قال: ﴿وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ﴾ البقرة: 233.
فحولان مدّة الرضاعة وستّة اشهر مدّة الحمل» . فقال عثمان : ردّوها ـ أي لا ترجموها ـ [1].
--------------------------------------------------------------------------------
[1] انظر: سنن البيهقي 7: 442؛ مناقب آل ابي طالب 2: 371؛ تفسير ابن كثير 4: 57.