موقف عائشة من خلافة الإمام عليّ (عليه السلام)
لقد ذهبت عائشة إلى مكّة لأداء مناسك الحجّ، فلمّا أدّت مناسك الحجّ بلغها خبر قتل عثمان فاستبشرت ، وقالت: قتلته أعماله إنّه أحرق كتاب الله وأمات سنّة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ثم سألت الناعي: ومَن بايع الناس؟ فقال لها: لم أبرح من المدينة حتى أخذ طلحة بن عبد الله نعاجاً لعثمان، وعمل مفاتيح لأبواب بيت المال، ولا شكّ أنّ الناس بايعوه. فقالت ـ وهي فرحة ـ : بُعداً لنعثل وسحقاً! إيه ذا الاصبع! إيه أبا شبل! إيه ابن عم! لله أبوك طلحة، أما إنّهم وجدوا طلحة لها كفواً، ثم قالت: شدّوا رحلي فقد قضيت عمرتي لأتوجّه إلى منزلي. فاقفلت راجعة إلى المدينة وفي الطريق لقيها رجل يقال له: عبيد بن اُم كلاب، فسألته عائشة: ما الخبر؟ فقال الرجل: قتل عثمان. فقالت عائشة : قتل نعثل! أخبرني عن قصّـته وكيف كان أمره ومَن بايع الناس؟ فأخبر بجميع ذلك وقال لها: فلمّا قتل عثمان مال الناس إلى عليّ بن أبي طالب ولم يعدلوا به طلحة ولا غيره، وبايعوه على الطاعة، وقام طلحة والزبير وبايعا عليّاً... فقالت عائشة : لوددت أنّ السماء انطبقت على الأرض إن تمّ هذا ، ثم قالت: إنّا لله، أكره والله الرجل، وغصب عليّ بن أبي طالب أمرهم، وقتل خليفة الله مظلوماً. ردّوا بغالي ردّوا بغالي... فرجعت وهي تخاطب نفسها: قتلوا ابن عفان مظلوماً... ودخلت مكّة وهي تقول لمن قال لها قتل خليفتك: برأت إلى الله ممّن قتله، ثم أظهرت البراءة من قاتلي عثمان في المسجد وعلى أعين الناس.
وهنا وصل خبرها إلى طلحة والزبير وهما في المدينة فكتبا لها كتاباً مع ابن اختها عبد الله بن الزبير يطلبان منها أن تخذّل الناس عن بيعة عليّ وأن تظهر الطلب بدم عثمان [1].
--------------------------------------------------------------------------------
[1] انظر: انساب الاشراف للبلاذري 5: 91 وما بعدها؛ كنز العمّال 3: 161؛ تاريخ الطبري 5: 196 وما بعدها وقبلها.