استنفار عائشة الناس لحرب عليّ (عليه السلام)
أصبحت دار عائشة في مكّة المكرّمة مأوى لأهل الأطماع وطالبي الفتنة والمتآمرين على عليّ وخلافته، فكانت شرعة المطامع والأهواء والأغراض التي تستذلّ النفوس، حتّى لتعرضها في السوق سلعة رخيصة تجاه منصب أو مال أو الأخذ بثأر.
وكان من هؤلاء : طلحة بن عبد الله التميمي والزبير بن العوّام اللذان سيطر على نفسيهما حبّ الدنيا، وأعمى بصيرتهما حبّ الولاية والإمرة، فانضما إلى عائشة بعد ما نكثا بيعة الإمام (عليه السلام).
ومنهم أيضاً مروان بن الحكم طريد رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وكان من الحاقدين على الإمام علي (عليه السلام)، الذي قتل بسيفه اشياخه من الاُمويين يوم بدر وغيرها.
وهذا الحزب ترأسته عائشة التي جنحت لوحي قلبها المليء بالغيرة على غريمها القديم علي بن أبي طالب الذي كرهته منذ عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) . وقد جمع هذا الحزب كره عليّ وألّف بين قلوبهم فاشتدوا على منازعته.
أضف إلى مَن ذكرنا عبد الله بن الزبير الفتى المغرور، الذي مال مع خالته عائشة التي رعته كابنها بعد أن حرمت الولد، ولقنته كره علي بن أبي طالب منذ طفولته. وقد روي عن الإمام علي (عليه السلام) أنّه قال: «ما زال الزبير منّا أهل البيت حتّى نشأ ابنه المشؤوم عبد الله فلهاه عنّا».
ولمّا اجتمعوا فكّروا كيف يواجهون عليّاً ، فقالوا: نسير إلى عليّ ونقاتله.
فقال بعضهم: ليس لكم طاقة بأهل المدينة ، ولكن نسير حتى ندخل البصرة والكوفة.
قال ابن قتيبة: «أنّه لما اجتمع طلحة والزبير، وذووهما مع عائشة وأجمعوا على المسير من مكّة أتاهم عبد الله بن عامر، فدعاهم إلى البصرة ، ووعدهم الرجال والأموال...».
وبعد مباحثات طويلة وحوار مع بعض الشخصيّات كعبد الله بن عمر وامثاله ، قرّروا الخروج إلى البصرة، ووقفت عائشة بمكّة المكرّمة تستنفر الناس للخروج إلى حرب علي بن أبي طالب (عليه السلام)[1].
--------------------------------------------------------------------------------
[1] انظر: تاريخ الطبري 3: 471 وما بعدها؛ الإمامة والسياسة: 65 ـ 72 وغيرهما.