غارت بُسْر بن ابي أرطاة على اليمن
يظهر أنّ معاوية كان يعلم تماماً نفسيّة بسر الإجرامية فانتدبه لهذه المهمّة ، فأرسله على رأس جيش من ثلاثة آلاف مقاتل، وأوصاه بوصيّة تكشف عن جوهر معاوية ومعدنه الحقيقي، حيث قال له: «... لا تنزل على بلد أهله على طاعة عليّ إلاّ بسطت عليهم لسانك، حتّى يروا أنّه لا نجاة لهم منك وأنّك محيط بهم ، ثم اكفف عنهم وادعهم إلى البيعة لي، فمن أبى فاقتله وأقتل شيعة عليّ حيث كانوا» [1].
وقد نفّذ هذا المجرم أوامر طاغيته بحذافيرها ، بل زاد عليها جرائم وفظائع لينال الحظوة لديه.
وكان عدد الذين قتلهم بسر في وجهه ذاهباً وراجعاً ثلاثين الفاً، وحرق قوماً بالنار، وعندما توجه إلى حضرموت قال: «اريد أن أقتل ربع حضرموت» [2].
ثمّ سار إلى اليمن وكان عليها عبيد الله بن عبّاس عاملاً لعليّ (عليه السلام) ، فهرب منه، واستخلف عليّ على اليمن عبد الله الحارثي، فأتاه بسر فقتله ، وقتل ابنه، وأخذ ابنين لعبيد الله بن عبّاس صغيرين، وهما عبد الرحمن وقثم فقتلهما . ولمّا سمع أمير المؤمنين (عليه السلام) بقتلهما جزع جزعاً شديداً ودعا على بسر فقال: «اللّهمّ اسلبه دينه وعقله، فأصابه ذلك وفقد عقله فكان يهذي بالسيف ويطلبه، فيؤتى بسيف من خشب ويجعل بين يديه زق منفوخ فلا يزال يضربه، ولم يزل كذلك حتّى مات» [3].
--------------------------------------------------------------------------------
[1] الغارات ـ للثقفي ـ: 598.
[2] المصدر السابق: 631.
[3] انظر: شرح النهج لابن أبي الحديد 2: 13؛ الغارات : 615؛ الأعلام للزركلي 2: 51، وغيرها.